ألغاز هذا الرجل لم تنهي بعد ، فكما أشرنا سابقا انه كان اديبا ، ومن بين ما تم كشفه في مذكراته الخاصة ، او كتابات والملاحظات والمسوَّدات التي كتبها عبقري عصر النهضة الفنان ليوناردو دافنشي والتي سبق أن جمعتها دور نشر إيطالية وعالمية تحت تسميات عديدة مثل "كتابات أدبيَّة"، أو "مسوّدات ليوناردو دافنشي"، أو "كتاب الملاحظات لليوناردو دافنشي".
ي "شذرات فِكريَّة" وعددها (128) نقع على شذرةً، تتحدث عن الروح: "حركةُ الأرضِ هي في آنٍ واحد بعكسِ الأرضِ واقتفاءٌ لها، فطفيفةٌ تكونُ بالمُحصِّلة حركةُ الأجسامِ المتأثِّرة. المياهُ الملطومةُ بمياهٍ مثلها تصنعُ دوائرَ في مواضعِ التَّصادم. بعيداً ينتشرُ الصَّوتُ خلالَ الهواء، وأكثر بعداً خلالَ النَّار. العقلُ يمتدُّ أبعدَ من ذلك خلالَ الكَون. لكن، ما بالُ تلكَ المُتناهية لا تمتدُّ خلالَ اللامتناهي وتنتشر".
وفي فصل "نُبوأت" نقرأ من مطالع نُبوأته: "لَتَرَوُنَّ الدَّمَ يخرجُ من اللحم البشريِّ الممزَّق، ويسيلُ مسطِّراً سطحَ الجسد". ويضيف دافنشي في "النُبوءة" حديثه عن وحشيَّة الإنسان: "لَتَرَوُنَّ على وجه الأرضِ حيواناتٍ تكونُ على الدوامِ في قتالٍ مع بعضها، وكلُّ طرفٍ منها يُمنى بخساراتٍ كبيرةٍ ومَنِياتٍ ثقيلةٍ متواصلة. هؤلاء، لن يكون ثمَّةَ نهايةٌ لشرورِهم، بأطرافِهم القوية سوفَ تُسَوى بالأرضِ أشجارٌ لا تُحصى من غاباتِ الكون الشاسعة، وعندما يُتخَمون بالطَّعام فسوف يَنشدون إشباع رغباتِهم الأُخَر بِمنحِ الموتِ والحزن والشقاء والخوف والزوال لكلِّ ذي روح، ولِغطرستهم التي لا حد لها سوف يرغبون بالصعود نحو السماء، غيرَ أنَّ ثقل أطرافِهم المُفرِط سوف يُبقيهم في الأسفل. لن يبقى شيءٌ فوق الأرض، ولا تحتَ الأرضِ، أو تحتَ المياه، إلا وسوفَ يُضطهَد، يُنتَهَكُ نظامُه ويُخَرب، وما هو مُلكٌ لهذا البلد يُقصَى إلى ذلك البلد، وتكونُ أجسامُهم مقابرَ ومعابرَ لجميعِ قتلاهم".
ومن خلال هذه "الشذرات" نتعرف على وجوه دافنشي المتعددة، ففي "الشذرة" رقم (88) تتجلى فضائل أخلاقياته التي تقربه من مرتبة المصلحين في نظرته إلى الحياة والموت، يقول: "العمر يتبخر، يطوي المسافات خفية ويضللنا، لا شيء أسرع من السنين، ومن يبذر الفضيلة يحصد الإجلال.. فيما كنت أظن أنني أتعلم كيف أحيا، كنت أتعلم كيف أموت".
يتحدث دافنشي في أعماله عن الشرق وسوريا في مقالته "إلى الدَّفْتَرْدار السُّوري"، بحميمية وود، متحدثاً للسوريين بلغة الإسلام، مخاطباً إياهم بأسلوبهم "الاستهلال بتمجيد الإيمان والإقرار به"، ويرجّح أن هذا الفصل/ الخطاب كان موجَّهاً من دافنشي إلى شخصٍ مسلمٍ أو هيئةٍ إسلاميَّة. و"الدَّفْتَرْدار" كما يشير المترجم: "تسمية كانت تُطلَق على الموظَّف المالي المكلَّف بتنظيم الوارد والمنصرف من أموال الحكومة، وقد أطلقت على وزير المالية في القسطنطينية..". مبيناً أن: "هذه المفردة ليست تركية الأصل كما يُظّن وإنَّما عربية الشق الأوَّل "دفتر: كرَّاسة"، فارسيَّة الشق الثاني "دار: كاتب حسابات". ويضيف (أمارجي): "ليس هذا هو المعنى الذي قصده دافنشي، فالفترة التي عاش فيها دافنشي توافق حكم المماليك في سوريا، وفي ذلك العهد كان لقب "الدَّفْتَرْدار" يُطلق على شخص رفيع المقام هو وكيل الآمر وممثله، وكان مكتب "الدَّفْتَرْدار" هو الثالث من حيث الأهمية في الدولة". وفي هذا الفصل يتحفنا دافنشي بتوصيف متناه في الجمال للطبيعة السورية وجمالها وجبالها.
في فصولٍ أخرى، يروي دافنشي جوانب من تجربته في الرسم واللون وعلوم التشريح وأحوال الضوء، وعمل الحواس، مؤكداً المخزون المعرفي والصبر والمهارة معاً.
ي أعماله الأدبيَّة كما يخبرنا الأديب الرسام أنه يوجه الرسائل إلى الملوك والقادة لتبني اختراعاته؛ يكتب في إحدى رسائله: "لديَّ أنماطٌ من جُسورٍ قويَّة وبالغة الخفَّة، معدَّلةٍ لكي تُحمَل بسهولةٍ فائقة، ومعها تستطيع أن تتقدَّم، وأن تتراجع في أيِّ وقتٍ أمام أعدائك؛ وأخرى مُحكمة منيعة على النَّار والمعارك، مُلائمة وسهلة الرَّفع والتثبيت. وكذلك ابتكاراتٌ لحرق وتدمير جسور العدو".
وفي موضعٍ آخر، يحدثنا عن اختراعٍ آخر "لديَّ كذلك أصنافٌ من مدافع الهاوُن، مُطاوعة للغاية وسهلة الحمل، بها يُمكنُ للمرء أن يقذفَ حجارةً صغيرة على نحوٍ يشبه العاصفة؛ ومن شأن الدُّخان الخارج منها أن يبثَّ رعباً كبيراً في رَوع العدو، مع إلحاقِ أذىً كبيرٍ به وتشويشِ صفوفه". ويضيف: "كذلك الأمر، سأصنع مركباتٍ مغطَّاة، آمِنة ومنيعة، إذ تدخل بين صفوف العدوِّ بمدفعيَّتها فإنَّها لا تدع جمعاً من الرِّجال المسلَّحين إلا وتبدِّدُه. ومن خلفها يستطيع المشاةُ المرور بسلامٍ تامِّ ودون أيِّ عائقٍ".
وفي الفصل الأخير، وعنوانه "متفرِّقات ونُسوخ"، يقول دافنشي، وهو في سن الرابعة والعشرين، وفي الفترة التي اعتقل فيها بتهمة المثليَّة الجنسية: "آه أيُّها الإغريق، لا أحسبُ أنَّ أعمالي وجِدتْ لتُروى، فلقد رأيتموها رأيَ العين. أوديسيوس (هو أوليس عند الرومان)، قال إنَّ فِعاله وقعتْ من غير شهود، وأنَّ الليل الدَّامس وحده يعرفها".
وفي ختام متفرقاته ونُسوخه، يقول دافنشي: "ما هو بهيٌّ في الإنسان محكومٌ بالموت، لكن ليس في الفنِّ".
المصدر "الأعمال الأدبيَّة" نقل هذه الكتابات عن اللغة الإيطاليَّة وهيَّأ حواشيها الشاعر السوري رامي يونس، المعروف بـ"أمارجي"
ي "شذرات فِكريَّة" وعددها (128) نقع على شذرةً، تتحدث عن الروح: "حركةُ الأرضِ هي في آنٍ واحد بعكسِ الأرضِ واقتفاءٌ لها، فطفيفةٌ تكونُ بالمُحصِّلة حركةُ الأجسامِ المتأثِّرة. المياهُ الملطومةُ بمياهٍ مثلها تصنعُ دوائرَ في مواضعِ التَّصادم. بعيداً ينتشرُ الصَّوتُ خلالَ الهواء، وأكثر بعداً خلالَ النَّار. العقلُ يمتدُّ أبعدَ من ذلك خلالَ الكَون. لكن، ما بالُ تلكَ المُتناهية لا تمتدُّ خلالَ اللامتناهي وتنتشر".
وفي فصل "نُبوأت" نقرأ من مطالع نُبوأته: "لَتَرَوُنَّ الدَّمَ يخرجُ من اللحم البشريِّ الممزَّق، ويسيلُ مسطِّراً سطحَ الجسد". ويضيف دافنشي في "النُبوءة" حديثه عن وحشيَّة الإنسان: "لَتَرَوُنَّ على وجه الأرضِ حيواناتٍ تكونُ على الدوامِ في قتالٍ مع بعضها، وكلُّ طرفٍ منها يُمنى بخساراتٍ كبيرةٍ ومَنِياتٍ ثقيلةٍ متواصلة. هؤلاء، لن يكون ثمَّةَ نهايةٌ لشرورِهم، بأطرافِهم القوية سوفَ تُسَوى بالأرضِ أشجارٌ لا تُحصى من غاباتِ الكون الشاسعة، وعندما يُتخَمون بالطَّعام فسوف يَنشدون إشباع رغباتِهم الأُخَر بِمنحِ الموتِ والحزن والشقاء والخوف والزوال لكلِّ ذي روح، ولِغطرستهم التي لا حد لها سوف يرغبون بالصعود نحو السماء، غيرَ أنَّ ثقل أطرافِهم المُفرِط سوف يُبقيهم في الأسفل. لن يبقى شيءٌ فوق الأرض، ولا تحتَ الأرضِ، أو تحتَ المياه، إلا وسوفَ يُضطهَد، يُنتَهَكُ نظامُه ويُخَرب، وما هو مُلكٌ لهذا البلد يُقصَى إلى ذلك البلد، وتكونُ أجسامُهم مقابرَ ومعابرَ لجميعِ قتلاهم".
ومن خلال هذه "الشذرات" نتعرف على وجوه دافنشي المتعددة، ففي "الشذرة" رقم (88) تتجلى فضائل أخلاقياته التي تقربه من مرتبة المصلحين في نظرته إلى الحياة والموت، يقول: "العمر يتبخر، يطوي المسافات خفية ويضللنا، لا شيء أسرع من السنين، ومن يبذر الفضيلة يحصد الإجلال.. فيما كنت أظن أنني أتعلم كيف أحيا، كنت أتعلم كيف أموت".
يتحدث دافنشي في أعماله عن الشرق وسوريا في مقالته "إلى الدَّفْتَرْدار السُّوري"، بحميمية وود، متحدثاً للسوريين بلغة الإسلام، مخاطباً إياهم بأسلوبهم "الاستهلال بتمجيد الإيمان والإقرار به"، ويرجّح أن هذا الفصل/ الخطاب كان موجَّهاً من دافنشي إلى شخصٍ مسلمٍ أو هيئةٍ إسلاميَّة. و"الدَّفْتَرْدار" كما يشير المترجم: "تسمية كانت تُطلَق على الموظَّف المالي المكلَّف بتنظيم الوارد والمنصرف من أموال الحكومة، وقد أطلقت على وزير المالية في القسطنطينية..". مبيناً أن: "هذه المفردة ليست تركية الأصل كما يُظّن وإنَّما عربية الشق الأوَّل "دفتر: كرَّاسة"، فارسيَّة الشق الثاني "دار: كاتب حسابات". ويضيف (أمارجي): "ليس هذا هو المعنى الذي قصده دافنشي، فالفترة التي عاش فيها دافنشي توافق حكم المماليك في سوريا، وفي ذلك العهد كان لقب "الدَّفْتَرْدار" يُطلق على شخص رفيع المقام هو وكيل الآمر وممثله، وكان مكتب "الدَّفْتَرْدار" هو الثالث من حيث الأهمية في الدولة". وفي هذا الفصل يتحفنا دافنشي بتوصيف متناه في الجمال للطبيعة السورية وجمالها وجبالها.
في فصولٍ أخرى، يروي دافنشي جوانب من تجربته في الرسم واللون وعلوم التشريح وأحوال الضوء، وعمل الحواس، مؤكداً المخزون المعرفي والصبر والمهارة معاً.
ي أعماله الأدبيَّة كما يخبرنا الأديب الرسام أنه يوجه الرسائل إلى الملوك والقادة لتبني اختراعاته؛ يكتب في إحدى رسائله: "لديَّ أنماطٌ من جُسورٍ قويَّة وبالغة الخفَّة، معدَّلةٍ لكي تُحمَل بسهولةٍ فائقة، ومعها تستطيع أن تتقدَّم، وأن تتراجع في أيِّ وقتٍ أمام أعدائك؛ وأخرى مُحكمة منيعة على النَّار والمعارك، مُلائمة وسهلة الرَّفع والتثبيت. وكذلك ابتكاراتٌ لحرق وتدمير جسور العدو".
وفي موضعٍ آخر، يحدثنا عن اختراعٍ آخر "لديَّ كذلك أصنافٌ من مدافع الهاوُن، مُطاوعة للغاية وسهلة الحمل، بها يُمكنُ للمرء أن يقذفَ حجارةً صغيرة على نحوٍ يشبه العاصفة؛ ومن شأن الدُّخان الخارج منها أن يبثَّ رعباً كبيراً في رَوع العدو، مع إلحاقِ أذىً كبيرٍ به وتشويشِ صفوفه". ويضيف: "كذلك الأمر، سأصنع مركباتٍ مغطَّاة، آمِنة ومنيعة، إذ تدخل بين صفوف العدوِّ بمدفعيَّتها فإنَّها لا تدع جمعاً من الرِّجال المسلَّحين إلا وتبدِّدُه. ومن خلفها يستطيع المشاةُ المرور بسلامٍ تامِّ ودون أيِّ عائقٍ".
وفي الفصل الأخير، وعنوانه "متفرِّقات ونُسوخ"، يقول دافنشي، وهو في سن الرابعة والعشرين، وفي الفترة التي اعتقل فيها بتهمة المثليَّة الجنسية: "آه أيُّها الإغريق، لا أحسبُ أنَّ أعمالي وجِدتْ لتُروى، فلقد رأيتموها رأيَ العين. أوديسيوس (هو أوليس عند الرومان)، قال إنَّ فِعاله وقعتْ من غير شهود، وأنَّ الليل الدَّامس وحده يعرفها".
وفي ختام متفرقاته ونُسوخه، يقول دافنشي: "ما هو بهيٌّ في الإنسان محكومٌ بالموت، لكن ليس في الفنِّ".
المصدر "الأعمال الأدبيَّة" نقل هذه الكتابات عن اللغة الإيطاليَّة وهيَّأ حواشيها الشاعر السوري رامي يونس، المعروف بـ"أمارجي"
0 التعليقات :
إرسال تعليق