(استوحيتها من صديق قام بتأمل في الاصوات ) :
جلس في مركب الجامعي ، منتظرا زميله . كان المركب مليئا بالطلبة ، كانت اصواتهم تملأ المكان ، ركز في تلك الاصوات ، كانت اصوات غير مفهومه ، متداخلة فيما بينها ، و بدت له تارة كطنين مجموعة من النحل ، و تارة اخرى كصوت امواج البحر ، تأمل جيدا في تلك الاصوات ،فأصبح كأنه يسمع صوتا و احدا بلغة غير مفهومة ، كان الامر. بالنسبة له غريبا و ممتعا ، في الوقت الذي مازل الطلبة منشغلين بالكلام ، كل على حدة او في مجموعات او في احاديث ثنائية ، فصديقنا مازال يتأمل في الاصوات التي تخيلها صوتا واحدا ، وفجأة يسمع هذا الصوت يتكلم بلغته المفهومة قائلا : هيه انت لما لا تتوقف عن الاستماع ؟
لم يصدق ما يسمعه ، فاصوات الطلبة المتواجدين بالمركب الجامعي تتداخلت و كونت صوتا و لغة صادرة من كلماتهم المبعترة ، ظن نفسه واهيا ،لكن الصوت تكرر قائلا : الم تسمع ، كفاك تأملا ؟
و تشجع صديقنا و قال : كيف يخرج صوت يحدث لغة من اصوات مبعترة مختلفة و يكون لغة ، هل يعقل ما أسمعه ؟!
قال الصوت : لقد دخلت بتأملك السمعي لبعد صوتي مكون من اصوات ، و هذا لا يتكرر إلا لمن يملك حسا و تركيزا جيدا . لكن اريد منك ان تتوقف عن فعل هذا ؟!
قام صديقنا من مكانه مندهشا و نظر لكل الطلابة ، و لاحظ انهم منشغلون في احاديث ثنائية او في مجموعات متفرقة ، و تسأل كيف خرج هذا الصوت من تلك الاصوات و كيف تكونت لغة منها ، وركز اكثر فسمع الصوت مجددا قائلا : الم انصحك بعدم التأمل في هذه الاصوات ؟!
صمت صاحبنا برهة و قال : لماذا تمنعني من ذلك ؟! .
فقال الصوت غاضبا : لاني انزعج من هذا ايها المغفل .
احس صاحبنا بالغضب و قال : فلما لا تصمت انت ايها المزعج .
فقال الصوت : الامر لا يخصك ، فكلامك و صوتك سيصبح ايضا جزءا مني ، ومكونا لصوتي إذا تكلمت !
فقال صاحبنا متعجبا : هذا مستحيل ، اظنك صوت جني .
لاحظ بعض الطلبة يتكلم وحده ، فأشاروا لاصدقائهم لأمره الغريب وحديثه مع نفسه ، و هكذا صمت الجميع ينظرون اليه في تعجب .
اما صاحبنا فلم يعد يسمع الصوت ، و لاحظ تجمهر الطلبة حوله و هم ساكتون ينظرون ، جلس في مكانه و قال لهم : عدوا الى مجالسكم و حديثكم لأحادث صوتكم ، ضحك الجميع ، فظنوه مجنونا مخبولا ، وهكذا انفض الجمع من حوله ، و عاد الى تأمله و تركيزه في اصوات الطلبة المتفرقة ، لكنه لم يعد يسمع لذك الصوت ، فالاصوات
اصبحت عادية مجرد ضجيج الطلبة .
السلام عليكم باغته هذا الصوت و ارتعب و اهتز من المباغتة ، كان صوت زميله الذي كان ينتظره . وغادر المكان معه ، وهو لم يستطيع استيعاب ما حدث له . ولم يخبر زميله ، حتى لا يظنه مخبولا