حلق الملاكان في افق السماوات ، وقرر احدهم النزول الى باب سماء الدنيا فقال : تعالى ننزل للسماء الدنيا ، لنرى مايفعله بنو ادم ، وكيف يعيشون !
ـ الملاك 2 : بالله عليك . هل لدينا وقت لهم ؛ دعنا نصعد الى الملكوت ونسبح خالقنا ونحمده
ـ الملاك 1 : انها فقط لحظات نبصر بها عالمهم ، ونعرف القليل مما اشتهروا به .
ـ الملاك 2 : اننا لم نكلف بمراقبتهم ، هنكا غيرنا من الملائكة كلفت بذلك .
ـ الملاك 1 : لم تفهمني ، ماقصدته نرى لنتعض ، ولنعرف قيمة مانحن فيه ونزداد شكرا للخالق
ـالملاك 2 : سوف ننزل لكن لن نمكت طويلا .
نزل الملاكين الى سماء الدنيا ، واقتربا من حياة الدنيا ، فقال الملاك وهو يتأمل حال الدنيا والناس : عجبا لهذه الدنيا ، انظر ماأكثر بني البشر ، لهم مراكب ومباني شاهقة وهذا كله حصلوا عليه بنعمة العقل وبفضل الله ، ووصلوا الى مستوى من التقدم في معيشتهم ، لكن ارواحهم لم ترقى الى السمو بعد .
ـ الملاك 2 : الكل يهيم مسرعا ومستعجلا ، يملكون كل شيء وينقصهم الكثير ، ويطمعون الى المزيد ، لكن شرهم اكبر وخيرهم اقل .
الملاك 1 : لكن منهم الاخيار ومنهم الاشرار وتلك حكمة الله في خلقه .
الملاك 2 : لاأدري لماذا يتقاتلون على الدنيا ؟ ويتحاسدون فيما بينهم ، انظر الى قلوب بعضهم انها سوداء يملاءها الحقد والحسد وحب الدنيا ونسيان امر الاخرة ، وتلك النقط السوداء ماأكبرها وهي تتوسط قلوبهم
ـ الملاك 1 : لكن اراى ايضا قلوبا بيضاء يشع منها النور لا يراه سوانا وخالقنا ، ماجملها من قلوب يعلوها نور مشع
ـ الملاك 2 : اغلبهم في قلبه حسد وطمع ومكر ، وينسو انهم سيغادرون يوما هذه الدنيا الفانية ، ولم ارى حمقا لمن يتبع الشر ويفسد في الارض وهو يعلم ان هناك اله سيحاسبه .
ـ الملاك 1 : صدقت . لو احب البشر بعضهم ، وجعلوا من الحب طريقا لهم ، لأصبحت الارض غير الارض وخيرها سيكون اكثر من ضررها .
الملاك 2 : ترى لماذا لا يتبعون تعاليم الانبياء والرسل ؟ وتعاليم الخالق الاحد الصمد ؟ الذي دعا الى الحو والسلام واتباع الحق وفعل الخير واحترام مخلوقاته ...انظر حتى مخلوقات الله من الحيوانات لم تسلم من شرهم
الملاك 1 : انها فتنة الحياة وحب التملك والسيطرة اودعاء الكمال المزعوم ، وحتى الشيطان وجد طريقا بينهم ، بل انه يتعلم منهم الان ويتعجب مما وصلوا اليه من فساد ، بل منهم من يعبد الشيطان ويتخده الها .
الملاك 2 : يعبدونه ؟! ايعقل هذا ؟ ! هل وصلوا الى تلك الدرجة من الغباء ، اين عقولهم ، بل هم اضل من الانعام .
الملاك 1 : ومنهم من غير خلقته ليتشبه به ويمسخ وجهه بعد ان اكرمه الله بحسن الصورة .
الملاك 2 : لم يعد لي مقام هنا ، هيا لنصعد قبل ان ان اثلوت مماأراه ، يالها من قذارة
الملاك 1 : لكن الخير مازال موجودا ، هناك اناس مازالت قلوبهم تنبض بالحب والخير والايمان ، طريقهم نور يضيئون بها الاخرين
الملاك 2 : لكن في زمانهم هذا الاشرار اكثر من الاخيار ، اه لوعلموا ان في اجتماع على الخير سعادة عظمى في دنياهم واخرتهم ، لكنها الحياة وحكمة الله .
الملاك 1 : انها ارداة الله . يختبر بها الانسان ليعلم الصادق والكاذب منهم والمؤمن والكافر .
الملاك2 : هيا لنرحل لم يعد لنا مكان هنا ، لنصعد لعالمنا الجميل ، ونسبح الله ونحمده افضل مما نراه في عالم الانسان .
الملاك 1 : اتدري من الانس من هو احسن من الملائكة !
الملاك 2: كيف ! هل تمزح معي ابعد كل مارأيته تقول هذا الكلام .
الملاك 1: مهلا لاتستعجل ؛ نعم فآلانسان ، الذي يملك الشهوات ويعيش في جو فاسد ويحافظ على قيامه ودينه ، ويجعل طريق الخير طريقا له ، ويصبر على اذى الناس ويحب لوجه الله ، اليس هذا ملاك فرغم امتلاكه لشهوتا سمى بروحه الى مقام الاصفياء
الملاك 2 : صدقت ، ان شهوات الدنيا قوية جدا ومن ألجم قيودها ونجى من نيرانها ، يحق له ان يرفع الى درجة اعلى من مقامنا .
الملاك1 : ولهذا تمنيت لو كنت انسيا ، اصبر وامتثل لأوامر الله ، وافوز برضاه وتنعم بنعيمه ؛
الملاك 2 : لكن اخاف على نفسي لو خلقت بشريا ، بعد ان شاهدت كثرة الهالكين ، هنا لنرحل ونطلب الرحمة لأنفسنا ولبني ادم
الملاك 1 : احسنت قولا ، هيا اذا الى عالم الملكوت ، حتى يأتي يوم نقابل فيه اخواننا من الانس المؤمنين الصابرين ، ونهنيئهم بالفوز العظيم .
0 التعليقات :
إرسال تعليق